المؤقت الدائم:
ساندي هلال وأليسّاندرو بيتي
بتقييم فنّي من قبل سلوى المقدادي وبانة قطان
-
موجز
افتتح رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي في ربيع ٢٠١٨ أول معرض استعادي مؤسسي للفنانين والمعماريين ساندي هلال وأليساندرو بيتي، حيث يستكشف الثنائي الفني حالة “اللجوء”، وهي حالة يجب أن تكون المؤقتية من مميزاتها، إلا أنها أضحت واقعاً دائما للعديد من الشعوب. يتضمن المعرض سبع تركيبات فنية تقع ثلاثة منها خارج جدران المعرض، إضافة إلى إحياء خمسة من أشهر التركيبات العائدة للفنانين حتى الآن ومنها: «الخيمة الإسمنتية»، «التجمع العام»، «متلازمة رام الله»، «كتاب المنفى»، و«مجاورة/مدرسة الشجرة». ومن بين الإبداعات الفنية المعروضة عملان جديدان تم تصميمها خصيصاً لهذا المعرض: «المضافة/غرفة المعيشة» و«تراث اللاجئين».
وتتولّى سلوى المقدادي الأستاذة المساعدة في جامعة نيويورك أبوظبي وأحد أهم القامات البارزة في توثيق تاريخ الفن الحديث بالعالم العربي، مهام التقييم الفني بالتعاون مع بانة قطّان، القيّمة الفنية السابقة لمعارض رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي. تعمل بانة حالياً كقيم فني مساعد في متحف الفن المعاصر في شيكاغو.
-
اقرأ المقال
[مقتطف من مقال المعرض]
يغطي هذا المعرض الاستعادي أعمال الفنانين والمعماريين ساندي هلال وأليساندرو بيتي في منتصف مسيرتهما الفنية، مقدّماً أبحاثهما ونتاجهما الفني على امتداد السنوات الخمسة عشر الماضية. وتكمن الفَرَضيّة التقييمية لمعرض «المؤقت الدائم» في استجواب حالة اللجوء والتي كان من المفروض لها أن تكون حالة مؤقتة، إلا أنها تحمل إمكانية دوام الحال. فيتأمل الفنانان مفهوم الوقتية، متيحين الفرصة أمام اللاجئين الفلسطينيين، ومنهم من هم تحت ظل الاحتلال أو خارجه، للتعبير من خلال وسائل بديلة عن مفهوم اللجوء في زمن أصبح فيه صوت اللاجئ سهل الضياع، وخاصة في خِضَمّ إغراقه بمسميات الضحايا والاغتراب. ونتيجة للكوارث السياسية والطبيعية، يتواجد في عالمنا الآن أكثر من ٧٠ مليون نازح قسري. وفي الوقت ذاته، فقد أدّت العولمة إلى انتقال أعداد كبيرة من القوى العاملة من موظفين وعمّال من أوطانهم إلى مواقع عمل مؤقتة، وهو انتقال تحوّل لاحقاً إلى حياة مؤقتة-دائمة برمّتها. ويشير الروائي «ديباك أونيكرشنان» إلى المثال الخليجي بوصفه لهؤلاء العاملين كـ«أشخاص مؤقتين» يقيمون بين مَوطنين، أحدهما هو حلم مستحيل المنال، في حين أن الآخر هو ضرورة اقتصادية. وتجدر الإشارة إلى أن العيش بعيداً عن الوطن لسنوات عديدة قد يفرض ظروفاً وحقائق جديدة مميزة لكونها مؤقتة-دائمة، وهنا يدرس الفنانان تلك الحالة بالذات من خلال التركيز على قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومن خلال اعتبار الموجات الحديثة من اللاجئين كأمثلة على ذلك.
ويكمن عمل الفنانين ما بين التكهّنات المفاهيمية والممارسة الفنية القائمة على التدخّلات المساحيّة في الفن، والعِمارة، والخطاب، والبحث العام، والتعلّم الجماعي. ومن خلال البحث، والنشر، والأداء، والفيديو، والأفلام، والتصوير الفوتوغرافي، والتدخلات الفنية، يبحث الفنانان في العلاقة ما بين السياسة والهندسة المعمارية. إن ممارسة هلال وبيتي الفنية هي تعاونية بالشكل الأساسي وكما هو جلّي في الأعمال الفنية التي يقدّمها هذا المعرض. وقد تبنّى الفنانان هذا الأسلوب مبكراً في مسيرتهما الفنية، مؤسسين لإقامة فنية تعاونية في بلدة بيت ساحور في فلسطين في عام ٢٠٠٧ بالاشتراك مع «إيال فايسمان» تحت عنوان «جمعية دار للتخطيط المعماري والفني» (ومختصرها «دار»). ومنذ ذلك الحين، عمل المئات من المقيمين من الفنانين، والمعماريين، وغيرهم من المشاركين على مجموعة متنوعة من المشاريع الهادفة إلى «إيجاد واستخدام الشقوق والثغرات الموجودة في نُظُم الفصل والسيطرة الاستعمارية القائمة حالياً، والتي تشمل الهياكل المبنية، والبُنى التحتية، وملكية الأراضي، والأنظمة القانونية». ويُعَدّ تركيب «التجمع العام» في صالة العرض الرئيسية مثالاً على هذه المشاريع.
شاهد
استمع
فيما يلي الدليل الصوتي للأعمال الفنية برواية الفنانين.
تراث اللاجئين
التجمع العام
مجاورة/مدرسة الشجرة
متلازمة رام الله
المضافة/غرفة المعيشة
كتاب المنفى
الخيمة الاسمنتية
اقرأ
الفنانين
ساندي هلال وأليساندرو بيتي
شارك الفنانان في معارض عدّة منها بينالي البندقية (٢٠٠٣-٢٠٠٨-٢٠٠٩-٢٠١٣-٢٠١٥)، بينايل إسطنبول (٢٠٠٩)، معرض «أشغال داخلية» في بيروت (٢٠١٠)، بينالي ساو باولو (٢٠١٤)، بينالي الفن الآسيوي (٢٠١٥)، بينالي مراكش (٢٠١٦)، ومعرض قلنديا الدولي (٢٠١٦)، بالإضافة إلى متاحف مثل متحف «تايت مودرن»، «مركز بومبيدو»، و«متحف فان أبي».
Read moreعمل الفنانان ساندي هلال وأليساندرو بيتي على تطوير ممارسة فنية قوامها مشروع بحثي يجمع ما بين الطموح النظري والانخراط العملي في الكفاح من أجل العدالة والمساواة، فنَتَج عن ذلك «جامعة في المخيّم»، وهو برنامج تعليمي تجريبي في مدينة بيت لحم استضافه مخيّم «الدهيشة»، هدفه تجاوز النُظُم التعليمية التقليدية من خلال تكوين مساحة لإنتاج المعرفة النقدية الثابتة (www.campusincamps.ps). كما أدى تطوير تلك الممارسة الفنية إلى تأسيس «دار» بالتعاون مع «إيال فايسمان» في عام ٢٠٠٧ في بلدة بيت ساحور في فلسطين. وهي مؤسسة تجمع بين ما بين كونها مُحتَرفاً معمارياً واستضافتها لإقامة فنية، فاتحة أبوابها بذلك أمام المعماريين، والفنانين، والناشطين، ومخططي المدن، وصانعي الأفلام، والقيّمين الفنيين، للعمل المشترك على مواضيع السياسة والهندسة المعمارية (www.decolonizing.ps).
شغلت ساندي هلال منصب رئيس برنامج البنى التحتية وتطوير المخيّمات في الضفة الغربية لدى منظمة «الأونروا» (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) خلال الأعوام ٢٠٠٨ وحتى ٢٠١٤. وخلال هذه الفترة، قامت هلال بالعديد من التدخلات في مخيمات اللاجئين الجنوبية، ومنهم ساحة في مخيم الفوّار للاجئين، كتجسيد لِحق مطالبة المرأة بالمساحة العامة. أما في الأعوام الأخيرة، فقد عملت هلال بتكليف من وكالة الفن العام السويدية مع مجتمعات اللاجئين المقيمين في مدينة «بودين» شمال السويد، حيث ساهمت في تفعيل ودعم الصندوق العربي للفنون والثقافة. وقام الفنانان بالمشاركة في تأليف كتاب «إيال فايسمان» تحت عنوان «العِمارَة بعد الثورة» في العام ٢٠١٣، في دعوة لإعادة التفكير في الكفاح الحالي المرتبط بالعدالة والمساواة، وليس من منظور تاريخي وحسب، بل كذلك من منظور الكفاح المستمر لمحو الاستعمار.
وقد شارك الفنانان في معارض عدّة، حيث سعت ممارساتهما إلى التحقيق في والتأثير على البنى المختلفة للعلاقات الاجتماعية والسياسية والمكانية بين الأفراد، والدولة، والأرض خارج المفهوم الليبرالي للمواطنة. هذا وقد تم اختبار الآثار العملية لهذه التدخلات المفاهيمية والفنية بشكل أكبر في التدخلات المعمارية في مخيمات اللاجئين، فتم افتتاح مدرسة «شُعفاط » للبنات في عام ٢٠١٤ لتلتحق بها ألف طالبة، بالإضافة إلى المعلمات، والمؤسسات المحلية، في تعبيرعن الكرامة والقوّة المرتبطتين بمجتمع اللاجئين المقيم في المخيّمات المكتظّة. وعلاوة على ذلك، أدّت هذه الممارسات في عام ٢٠١٥ إلى تشييد «الخيمة الإسمنتية» في حديقة مركز الفينيق الثقافي في مخيم «الدهيشة » للاجئين في مدينة بيت لحم، وهو جناح يمثّل التناقض الكامن في الوقتية الدائمة لوضع اللاجئين من الفلسطينيين. وقد تلقّت أعمال الفنانَين عدة جوائز منها زمالة «كيث هارنغ» في الفن والنشاط السياسي لدى كليّة «بارد»، وزمالة «لويب» لدى جامعة «هارفارد»، جائزة ا الأمير «كلاوس» للهندسة المعمارية، إضافة إلى إدراجهما على القائمة القصيرة لجائزة «فيزِبِل»، جائزة «كاري ستون» للتصميم، جائزة مركز «فيرا ليست» للفن والسياسة في جامعة «المدرسة الجديدة»، جائزة «آني وهاينرك سوسمان» للفنانين، جائزة «تشرنيكوف»، ومنحة المبادرات المقدّمة من قبل مؤسسة المبادرات الفنية.
أليساندرو بيتي هو بروفيسور في الهندسة المعمارية والعدالة الاجتماعية في المعهد الملكي للفنون في «ستوكهولم»، وساندي قامت بإنشاء مبادرة «غرفة المعيشة»، وهي سلسلة من مساحات الاستضافة والتي لها إمكانية تغيير دور الضيف والمضيف.