• موجز

    يشتهر الثلاثي الفني الإيراني المقيم في الإمارات، رامين وركني وحسام، بتقديم مجموعة من المشاريع الغامرة والعروض واللوحات والرسوم المتحركة المتميزة والسريالية، والتي تم عرضها عالمياً في العديد من فعاليات البينالي والمتاحف الكبرى، مثل بينالي ليفربول وسيدني وتورنتو، ومتحف زيورخ، ومعهد الفن المعاصر في بوسطن، ومتحف برشلونة للفن المعاصر، وفي مشروع مرتقب في غاليري هايوارد، لندن. يشكّل «تكوين عذري» أول معرض فردي للثلاثي الفني في الإمارات والذين قدموا أعمالهم في العديد من فعاليات البينالي والمتاحف الكبرى العالمية خلال العقد الماضي. 

    وتلعب هذه العلاقة مع الآخرين دوراً كبيراً في هذا المعرض، حيث يتضمن محادثات مع قائمة من الفنانين الذين يتفاعلون من خلال الشعر والفيديو والهندسة المعمارية لإبداع وتكوين عمل فني جديد من خلال عملية “الدعوة والاستجابة”. وشارك في إبداع أعمال المعرض هما فارلي و لمياء قرقاش و نازلي قاسمي و كريستوفر لورد و ميني ماكنتاير و محمد رئيس ملا و سارا ساغري و جاليه شادي طلب بالإضافة إلى مشروع اللاجئين وطالبي اللجوء التابعين للصليب الأحمر الدنماركي «السفر مع الفن» بمتحف لويزيانا للفن المعاصر (الدنمارك).  كما تعاونوا في تنفيذ العديد من المشاريع مع فنانين مثل وحيد دافر و كيوري كاواي و ماندانا محيط و بيروز تاجي .
     
    وعمل الثلاثي الفني على ابتكار أجواء عامة في المعرض تعكس طريقة تطور الأعمال الفنية من خلال علاقات الفنان وتفاعله مع الآخرين. ويمثّل معرض تكوين عذري خلاصة ١٣ عاماً من العيش والعمل المشترك كفنانين في دبي، حيث يولّد مشهداً ونسيجاً من الأفكار والحوارات المتطورة باستمرار مع مساهمين وفنانين وغيرهم من زوار منزلهم، ويوفر نظرة معمقة إلى فلسفتهم الفنية التي تتمحور حول التحول والمرح والعمل المشترك. 

  • اقرأ المقال

    مقتطفات من مقال القيّم الفني:

    تُشتَقُّ كلمة “بارثينوجينيسيس” أو “التكوين العذري” من علم الأحياء، وهي مصطلح يصفُ بدايةً ليس لها مُسَبِّب (تعني كلمة “بارثينو” باللاتينية: العذري أو غير المخصّب، في حين تعني كلمة “جينيسيس” الولادة أو البداية). يَستخدِمُ الفنانون هذا المصطلح كاستعارةٍ مجازية لوصف نشأة الفن ذاته كتكوينٍ متولد وليس كتَكاثُرٍ أو إعادة إنتاج. ومن هذا المنطلق، فلربما يوحي المصطلح بلحظات تكون فيها الحياة فناً.

    ومع ذلك، فإن الفنَّ لا يتكونُ ويعيش في فراغ، فهو يُشَكِّلُ ويَتَشَكَّلُ بواسطة قوى متعددة كما يظهر في هذا المعرض. فأشكال تصاميم الرقص تتطور عبر الثقافات، كما تغمُرُ وَعيَنَا الأعمال الفنية السابقة والحروب الماضية – وكذلك أخبار اليوم – وتتفاعل مع مجرى عالمنا الطبيعي. في جميع ذلك الخضمّ، يتفجّر الفن وينبثق متنقلاً، ويُزهِرُ عبره مستقبلٌ مُتَخَيَّلٌ جديدٌ من خلال الشِعر الكامن في الكلمة والإيماءة والخط المرسوم.

    تُظهِرُ الأعمال الفنية المقَدَمة في هذا المعرض بعضاً من تلك القوى التكوينية لفنانيه منذ تبنِّيهم دبي موطناً لهم منذ ١٣ عاماً، وكذلك يسلّط المعرض الضوء على بعض مناحي تواصل الفنانين الثلاثة المجتمعي وتجاوبهم مع أعمال غيرهم من الفنانين والمبدعين. يظهر عملٌ فني هنا في المعرض في فيديو لجولةٍ فنيةٍ قام بها سلطان القاسمي في معرضٍ أقيم عام ٢٠١٢، وقد تآكل العمل الفني الآن نتيجة عرضه لعقدٍ من الزمان في الهواء الطلق في حديقة الفنانين. ومن الجدير بالذكر أن استوديو هؤلاء الفنانين هو أيضاً منزلهم، وهو يلوح بشكل ملحوظ في أفق مشهد ممارستهم الفنية باستمرار. توثق صور الفنانة فرح القاسمي استوديو الفنانين في مجلة «آرت آسيا باسيفيك» قبل عقدٍ من الزمن، بينما تنتج الفنانة لمياء قرقاش سلسلة من الصور التي تعكس ذات المساحة اليوم مع احتضانها لأعمالٍ فنيةٍ جديدة، وتضفي صانعة الأفلام سارا ساغري الحياة على الاستوديو في ظلام الليل من خلال استكشافاتها مستخدمةً ضوء المصباح الكشّاف.

    تدعم المُحاكاة على وجه الخصوص عملية “الدعوة والاستجابة” من الفنانين الثلاثة لأعمال نُظَرائهم عبر هذا المعرض وكما يبدو في مقاطع الفيديو والأعمال المذكورة أعلاه، وكما هو الحال مع هذا النص ذاته ومع رسومات الكتيّبات الإرشادية للجماهير اليافعة المصاحبة للمعرض. في المساحة المحيطة بك، تجد نفسك كزائر المعرض مشاركاً فيه وستعثر من خلاله على طرقٍ بديلةٍ لوصف كل ما ترى وكل ما تجرب. وبدلاً من التعاون بمعنى “الإبداع المشترك”، يتناوب الفنانون في هذا المعرض على إنشاء أعمال جديدة “تُحاكي” أعمالاً أخرى، تأكيداً على احترامهم العميق لقوى اللعب الخيميائية.

    كجزء من سلسلة من الأعمال الفنية التي يستخدم فيها الفنانون الإيماءات الجسدية فقط لوصف نموذجٍ ليقوم بصنعه اللحام المتعاون معهم، قام الفنانون بدعوة كيوري كاواي لتصميم أوصاف المنحوتات الملحومة الحديثة بشكلٍ أدائي. في المقابل، ينتج الفنانون الثلاثة منحوتاتٍ جديدة بأنفسهم يقومون فيها بتمثيل وتكرار تصاميم الرقصات التي تقوم بها كاواي لعامل اللحام محمد رئيس ملا، والذي يحاكيها بدوره في هيئةٍ معدنية. يعتمد مثلث الفهم والاستيعاب الذي يتم تكوينه ما بين اللحّام والفنانين ومصممة الرقص على حركة الجسد وعلى الرقص في نشأةٍ مُحاكاتيّةٍ، وكذلك أخيراً في الدعوة والاستجابة ما بين العمل الفني وزائر المعرض، أياً كان الشكل الذي يتّخذه ذلك. يمثّل هذا العمل مثالاً على قائمة الأعمال الفنية التي يعمل الفنانون الثلاثة عبرها مع غيرهم من الفنانين بهذه الطريقة والأسلوب عبر وسائط الشِعر والفيديو والهندسة المعمارية المتخيلة، والتي تخدم دائماً بدورها إنشاء وتوليد عملٍ فني جديدٍ عبر عملية الدعوة والاستجابة المتضمّنة فيها.

    يتأجج الإنتاج الفني للفنانين في تجاربهم التي خاضوها في الحرب والإبعاد والصدمة الثقافية، وتنتشر عبر قصاصات من الصحف اليومية والبكرات الأخبارية، وتتوسّع في النهاية لتشمل المآزق الأرضية والوجودية وأيضاً البهجة – فأعمالهم تشمل درجةً مدهشةً من البهجة. عندما تتحرك الأجسام، بغرض الفهم أو للاحتفاء، في حالةٍ من العنف أو الحزن أو الهجرة، فإنها تحمل القدرة على تغيير الموائل البيئية والمناطق الأحيائية والكائنات الحيوية الخاصة بالفرد وحتى حمضه النووي. وبالمثل، فإن حركة الفن والأفكار تغيّر كلاً من الذات الفردية والوعي الجيوسياسي، والعكس صحيح.

    اضغط هنا لقراءة بقية المقال.